للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا صُبَّ ما في الوَطْبِ فاعلم بأنه ... دمُ الشيخ فاشرَبْ من دم الشيخ أو دعا (١)

وقال آخر (٢):

خليلان مختلفٌ شكلُنا ... أريد العلاءَ ويبغي السِّمَنْ

أريد دماء بني مالك ... ورأيُ المعلَّى بياضُ اللَّبَنْ (٣)

وهذا وإن كانت الشريعة قد أبطلته، وجاءت بما هو خير منه وأصلح في المعاش والمعاد من تخيير الأولياء بين إدراك الثأر ونيل التشفِّي وبين أخذ الدية؛ فإن القصد به أن العرب لم تكن تعيِّر مَن أخذ بدلَ ماله، ولم تعُدَّه ضعفًا ولا عجزًا البتة، بخلاف من أخذ بدلَ دمِ وليِّه. فما سوَّى الله بين الأمرين في طبع، [٣١٣/ب] ولا عقل، ولا شرع. والإنسان قد يُحرق ثوبه عند الغيظ، ويذبح ماشيته، ويتلف ماله، فلا يلحقه في ذلك من المشقة والغيظ والإزراء (٤) به ما يلحق من قتل نفسه أو جدع أنفه أو قلع عينه.


(١) في النسخ المطبوعة: «دع»، وهو خطأ. والمثبت أصله بالنون الخفيفة: «دَعَنْ». والوطب: سقاء اللبن.
(٢) هو الأسعر بن أبي حُمران الجعفي. و «المعلَّى» المذكور في شعره: فرسه. وانظر قصة الشعر في «أنساب الخيل» للكلبي (ص ٦١ - ٦٢). وهو فيه وفي «الوحشيات» (ص ٤٦) ثلاثة أبيات. والبيتان في «العقد» (٣/ ٣٩٤) وغيره. ونسبهما ابن دريد في «الاشتقاق» (ص ٤١٢) إلى الأفوه الأودي، وهو غلط. انظر تعليق الميمني على «الوحشيات».
(٣) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة. والرواية «دماء بني مازن»، و «راقَ المعلَّى». ولا يبعد أن يكون ما هنا تحريفًا في النسخ.
(٤) في النسخ المطبوعة: «الازدراء»!