للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقتضى حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، ولا معارضَ له بوجه، وهو الصواب المقطوع به. وهذه طريقة من يرى أنه لا شفعة إلا فيما يقبل القسمة.

وقالت طائفة أخرى: إنما شُرعت الشفعة لرفع الضرر اللاحق بالشركة. فإذا كانا شريكين في عين من الأعيان بإرث أو هبة أو وصية أو ابتياع أو نحو ذلك لم يكن رفعُ ضررِ أحدهما بأولى من رفع ضرر الآخر. فإذا باع نصيبه كان شريكُه أحقَّ به من الأجنبي، إذ في ذلك إزالة ضرره مع عدم تضرُّر صاحبه، فإنه يصل إلى حقِّه من الثمن، ويصل هذا إلى استبداده بالمبيع (٢)، فيزول الضرر عنهما جميعًا. وهذا مذهب من يرى الشفعة في الحيوان والثياب والشجر والجواهر والدور الصغار التي لا يمكن قسمتها. وهذا قول أهل مكة وأهل الظاهر.

ونصَّ عليه الإمام أحمد في رواية حنبل، قال: قيل لأحمد: فالحيوان دابة تكون بين رجلين أو حمار أو ما كان من نحو ذلك. قال: هذا كلُّه أوكد، لأن خليط الشريك أحقُّ به بالثمن. وهذا لا يمكن قسمته، فإذا عرضه على [٣٢٣/ب] شريكه، وإلا باعه بعد ذلك (٣).

وقال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يعرض على شريكه عقارًا بينه وبينه أو نخلًا، قال الشريك: لا أريد، فباعه، ثم طلب الشفعة بعد. قال: له الشفعة في ذلك (٤).


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) في المطبوع: «بالبيع».
(٣) انظر رواية حنبل في «الروايتين والوجهين» (١/ ٤٥٠).
(٤) انظر نحوه في «مسائل الكوسج» (٦/ ٢٩٦٤) و «المغني» (٧/ ٤٥٤).