للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا اختلف جنسه جاز التفاضل فيه دون النَّساء، والعلَّة إذا انتقضت من غير فرق مؤثِّر دلَّ على بطلانها.

وأيضًا فالتعليل بالوزن ليس [٣٣٤/أ] فيه مناسبة، فهو طرد محض، بخلاف التعليل بالثمنية، فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي به يُعرَف تقويمُ الأموال، فيجب أن يكون محدودًا مضبوطًا لا يرتفع ولا ينخفض؛ إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمنٌ نعتبر به المبيعاتِ، بل الجميعُ سِلَع. وحاجةُ الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تُعرَف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تقوَّم به الأشياء، ويستمرُّ على حالة واحدة. ولا يقوَّم هو بغيره، إذ يصير سلعةً ترتفع وتنخفض، فتفسد معاملات الناس، ويقع الخلف، ويشتدُّ الضرر، كما رأيت من فساد معاملاتهم والضرر اللاحق بهم حين اتُّخِذت (١) الفلوسُ سلعةً تُعَدُّ للربح، فعمَّ الضرر وحصَل الظلم. ولو جُعِلت ثمنًا واحدًا لا يزداد ولا ينقص بل تقوَّم به الأشياء ولا تقوَّم هي بغيرها لصلَح أمرُ الناس. فلو أبيح ربا الفضل في الدراهم والدنانير ــ مثل أن يعطي صحاحًا ويأخذ مكسَّرةً، أو خفافًا ويأخذ ثقالًا أكثر منها ــ لصارت متجرًا، وجَرَّ ذلك إلى ربا النسيئة فيها ولا بدَّ. فالأثمانُ لا تُقصَد لأعيانها، بل يُقصَد التوسُّلُ بها إلى السِّلع. فإذا صارت في أنفسها سِلَعًا تُقْصَد لأعيانها فسَد أمرُ الناس. وهذا معنى معقول (٢) يختصُّ بالنقود لا يتعدَّى إلى سائر الموزونات.


(١) في المطبوع: «اتخذوا».
(٢) في المطبوع: «وهذا قول»!