للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقضتم قولكم، [٣٣٩/ب] وإن جوَّزتموه خالفتم النص. وإذا كان النصُّ قد منعَ من بيع اللحم بالحيوان، فهو دليل على المنع من بيع الخبز بالبُرِّ، والزيت بالزيتون، وكلِّ ربوي بأصله.

قيل: الكلام في هذا الحديث في مقامين: أحدهما في صحته، والثاني في معناه. أما الأول فهو حديث لا يصح موصولًا، وإنما هو صحيح مرسلًا. فمن لم يحتجَّ بالمرسل لم يَرِدْ عليه، ومن رأى قبول المرسل مطلقًا أو مراسيلَ سعيد بن المسيِّب فهو حجة عنده.

قال أبو عمر (١): «لا أعلم حديثَ النهي عن بيع اللحم بالحيوان متصلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه ثابت. وأحسَنُ أسانيده مرسَلُ سعيد بن المسيِّب، كما ذكره مالك في «موطئه» (٢). وقد اختلف الفقهاء في القول بهذا الحديث والعمل به والمراد منه. فكان مالك يقول: معنى الحديث تحريمُ التفاضل في الجنس الواحد حيوانِه بلحمه. وهو عنده من باب المزابَنة والغَرر والقمار, لأنه لا يدري هل في الحيوان مثلُ اللحم الذي أعطَى أو أقلُّ أو أكثرُ، وبيعُ اللحم باللحم لا يجوز متفاضلًا، فكان بيعُ الحيوان باللحم كبيع اللحم المغيَّب في جلده بلحمٍ إذا كانا من جنس واحد».


(١) في «الاستذكار» (٦/ ٤٢٤).
(٢) رقم (٢٤١٤) ــ وعنه الإمام الشافعي في «الأم» (٤/ ١٦٦) ــ عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن المسيب مرسلا. ومن طريق مالك رواه أبو داود في «المراسيل» (١٧٨). ويُنظر: «المستدرك» للحاكم (٢/ ٣٥)، و «السنن الكبير» للبيهقي (٥/ ٢٩٦ - ٢٩٧)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (٤/ ٣٦ - ٣٧)، و «التلخيص الحبير» لابن حجر (٣/ ٢٢ - ٢٣).