للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسيَتْ، فتقوم شهادة المرأتين مقامَ شهادة الرجل، ويقع من العلم أو الظن الغالب بشهادتهما ما يقع بشهادة الرجل الواحد.

وأما الدية، فلما كانت المرأةُ أنقصَ من الرجل، والرجلُ أنفعَ منها، ويسُدُّ ما لا تسُدُّه المرأة من المناصب الدينية والولايات، وحفظ الثغور والجهاد، وعمارة الأرض، وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العالم [٣٤٢/ب] إلا بها، والذَّبِّ عن الدنيا والدين= لم تكن قيمتُهما مع ذلك متساويةً، وهي الدية. فإنَّ ديةَ الحرِّ جاريةٌ مجرى قيمة العبد وغيره من الأموال، فاقتضت حكمة الشارع أن جعل قيمتها على النصف من قيمته لتفاوت ما بينهما.

فإن قيل: لكنكم نقضتم هذا، فجعلتم ديتهما سواءً فيما دون الثلث.

قيل: لا ريب أن السنة وردت بذلك، كما رواه النسائي (١) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَقْلُ المرأة مثلُ عَقْل الرَّجُل حتَّى تبلُغَ الثُّلُثَ من ديَتها» (٢). وقال سعيد بن المسيِّب: إنَّ


(١) في «المجتبى» (٤٨٠٥)، وفي «السنن الكبرى» (٦٩٨٠)، وقال: «إسماعيل بن عيّاش ضعيف، كثير الخطأ». ورواية إسماعيل هذه ضعيفة؛ لأنّها عن ابن جريج، وإسماعيل غيرُ متقن لحديثه الذي يرويه عن غير الشاميّين. ويُنظر: «تنقيح التحقيق» للذهبي (٢/ ٢٤٤)، و «التنقيح» لابن عبد الهادي (٤/ ٥١٨ - ٥١٩)، و «إرواء الغليل» للألباني (٧/ ٣٠٨ - ٣٠٩).
(٢) برقم (٤٨٠٥)، وأخرجه أيضًا الدارقطني (٤/ ٧٧)، وإسناده ضعيف؛ لأن رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين فيها كلام؛ وابن جريج منهم، وأيضًا عنعنةُ ابن جريج وهو مدلس والحديث ضعفه ابن النحوي والألباني. انظر: البدر المنير (٨/ ٤٤٣)، والإرواء (٢٢٥٤).