للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب: ٦٦ - ٦٧]، وهذا نصٌّ في بطلان (١) التقليد.

فإن قيل: إنما فيه ذمُّ من قلَّد من أضلَّه السبيلَ، أما من هداه السبيلَ فأين ذمَّ الله تقليدَه؟

قيل: جواب هذا السؤال في نفس السؤال، فإنه لا يكون العبد مهتديًا حتى يتبع ما أنزل الله على رسوله؛ فهذا المقلّد إن كان يعرف ما أنزل الله على رسوله فهو مهتدٍ وليس بمقلّد، وإن لم يعرف ما أنزل الله على رسوله فهو جاهل ضالٌّ (٢) بإقراره على نفسه، فمن أين يعرف أنه على هدًى في تقليده؟ وهذا جواب كلّ سؤالٍ يُورِدونه (٣) في هذا الباب، وأنهم إنما يقلِّدون أهل الهدى، فهم في تقليدهم على هدًى.

فإن قيل: فأنتم تُقِرُّون أن الأئمة المقلَّدين في الدين على هدًى، فمقلِّدوهم على هدًى قطعًا؛ لأنهم سالكون خلفَهم.

قيل: سلوكهم خلفهم مُبطِلٌ لتقليدهم لهم قطعًا؛ فإن طريقتهم كانت اتباعَ الحجة والنهي عن تقليدهم كما سنذكره عنهم إن شاء الله تعالى، فمن ترك الحجة وارتكب ما نَهَوا عنه ونهى الله ورسوله عنه قبلهم فليس على طريقتهم، وهو من المخالفين لهم. وإنما يكون على طريقتهم من اتبع الحجة، وانقادَ للدليل، ولم يتخذ رجلًا بعينه سوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجعله عِيارًا


(١) ع: «إبطال».
(٢) ع: «ضال جاهل».
(٣) ع: «يورد».