للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في القرآن كثير من ذَمِّ تقليد الآباء والرؤساء.

وقد احتجّ العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفرُ أولئك من الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين (١) بغير حجة للمقلِّد، كما لو قلَّد رجلًا فكفر، وقلَّد آخر فأذنبَ، وقلَّد آخر في مسألة فأخطأ وجهَها= كان كلُّ واحد ملومًا على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليدٌ يُشبِه (٢) بعضه بعضًا وإن اختلفت الآثام فيه. وقال الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: ١١٥].

قال (٣): فإذا بطلَ التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها، وهي الكتاب والسنة وما كان في معناهما بدليل جامع.

ثم ساق من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إني لا أخاف على أمتي من بعدي إلا من أعمالٍ ثلاثة»، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: «أخافُ عليهم زَلَّة العالم، ومن حكم جائرٍ، ومن هوًى متَّبَع» (٤).


(١) د: «المقلدين». والمثبت موافق لما في «الجامع».
(٢) ت: «تشبيه».
(٣) أي ابن عبد البر في «الجامع» (٢/ ٩٧٧).
(٤) رواه ابن عبد البر في «الجامع» (١٨٦٥) والبيهقي في «المدخل» (٨٣٠). ورواه أيضًا البزار (٣٣٨٤) والطبراني (١٤)، وفي إسناده كثير بن عبد الله المزني متكلم فيه، وبه ضعَّفه ابن عدي وابن مفلح والهيثمي. انظر: «الكامل» (٧/ ١٨٩)، و «الآداب الشرعية» (٢/ ٥٠)، و «مجمع الزوائد» (١/ ١٨٧).