للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدَّم (١) أن معاذًا كان لا يجلس مجلسًا للذكر إلا قال حين يجلس: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هلكَ المرتابون ــ الحديث، وفيه: «وأُحذِّركم زيغةَ الحكيم؛ فإن الشيطان قد يقول الضلالةَ على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمةَ الحق». قلتُ (٢) لمعاذ: ما يُدرِيني [٦/أ]ــ رحِمَك الله ــ أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال لي: «اجتنِبْ من كلام الحكيم المشبَّهات (٣) التي يقال: ما هذه؟ ولا يَثْنِيَنَّك (٤) ذلك عنه، فإنه لعله يراجع، وتَلَقَّ الحقَّ إذا (٥) سمعتَه، فإنّ على الحقّ نورًا» (٦). وذكر البيهقي (٧) من حديث حمّاد بن زيد عن المثنّى بن سعيد عن أبي العالية قال: قال ابن عباس: ويلٌ للأتباع من عَثَراتِ العالم، قيل: وكيف ذاك يا أبا عبّاسٍ (٨)؟ قال:


(١) (١/ ٢٢٠).
(٢) القائل يزيد بن عميرة.
(٣) كذا في ت، س. وفي ع: «المشتهرات». ويُروى باللفظين كما بيَّن ذلك أبو داود عندما أخرج الحديث في «سننه» (٤٦١١).
(٤) د: «يثنيك». والمثبت من بقية النسخ وأبي داود.
(٥) ع: «إذ».
(٦) رواه أبو داود (٤٦١١) وصححه الحاكم (٤/ ٤٦٠). وانظر: «سنن أبي داود» تحقيق شعيب الأرنؤوط (٧/ ٢١).
(٧) في «المدخل» (٨٣٥) وابن عبد البر في «الجامع» (٢/ ٩٨٤) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (٢/ ٢٧) وابن حزم في «الإحكام» (٦/ ٩٩).
(٨) كذا في النسخ و «المدخل»، وهو صواب، فهي كنية عبد الله بن عباس، كما في «السير» (٣/ ٣٣١) و «الإصابة» (٦/ ٢٢٨) وغيرهما. وجعله المحقق في المطبوع: «ابن عباس»، ظنًّا منه أنه الصواب. وفاته أن ذكر المخاطب بالكنية من أساليب العرب قديمًا وحديثًا، يقصدون به إكرامه.