للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر أبو عمر (١) من حديث حسين الجعفي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن أبي البَخْتري قال: قال سلمان: كيف أنتم عند ثلاثٍ: زلّة عالم، وجدالُ منافقٍ بالقرآن، ودنيا تَقْطعُ أعناقَكم؟ فأما زلَّةُ العالمِ فإنِ اهتدى فلا تُقلِّدوه دينَكم، وأما مجادلةُ المنافقِ بالقرآنِ، فإنَّ للقرآنِ منارًا كمنارِ الطريقِ (٢)، فما عرفتم منه فخذوه، وما لم تعرِفوه (٣) فكِلُوه إلى اللهِ، [٦/ب] وأما دنيا تَقْطَعُ أعناقَكم فانظروا إلى مَن هو دونَكم، ولا تنظروا إلى مَنْ هو فوقَكم.

قال أبو عمر (٤): وتُشبَّه زلَّةُ العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غَرِقتْ غرِقَ معها خلق كثير.

قال (٥): وإذا صحَّ وثبت أن العالم يَزِلُّ ويخطئ، لم يجُزْ لأحدٍ أن يفتي ويَدِينَ بقولٍ لا يعرف وجهه.

وقال غير أبي عمر (٦): كما أن القضاة ثلاثة: قاضيانفي النار وواحد (٧) في الجنة، فالمفتون ثلاثة، ولا فرقَ بينهما إلا في كون القاضي يُلزِم بما أفتى به، والمفتي لا يُلزِم به.

وقال ابن وهب: سمعت سفيان بن عُيينة يحدِّث عن عاصم بن بَهْدلة عن زِرّ بن حُبيش عن ابن مسعود أنه كان يقول: اغْدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تَغْدُ إمَّعةً فيما بين ذلك. قال ابن وهب: فسألتُ سفيان عن الإمَّعَة، فحدثني عن أبي الزناد (٨) عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال: كنّا ندعو الإمَّعةَ في الجاهلية الذي يُدعى إلى الطعام فيأتي معه بغيره، وهو فيكم المُحْقِب (٩) دِيْنَه الرجالَ (١٠).

وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النَّصْري (١١): ثنا أبو مُسهِر، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن السائب بن يزيد ابن


(١) في «الجامع» (٢/ ٩٨٣) وعنه ابن حزم في «الإحكام» (٦/ ١٨٠ - ١٨١).
(٢) بعدها في ت: «فلا يخفى على أحد». وليست في بقية النسخ ولا في «الجامع» و «الإحكام» في هذه الرواية.
(٣) ع: «تعرفوا منه».
(٤) في «الجامع» (٢/ ٩٨٢).
(٥) الكلام متصل بما قبله.
(٦) لم أجد النصّ في المصادر التي رجعت إليها.
(٧) ع: «قاض».
(٨) كذا في النسخ. وفي مصادر التخريج: «أبي الزعراء»، وهو الصواب، وهو المعروف بالرواية عن أبي الأحوص، فقد كان ابن أخيه. وأبو الزناد ليس معروفًا بالرواية عن أبي الأحوص. ولم نغيّر في النصّ لأن جميع النسخ اتفقت على ذلك، فاكتفينا بالتنبيه عليه.
(٩) أي المقلّد الذي يجعل دينَه تابعًا لدين غيره بلا روية ولا برهان، وهو من الإرداف على الحقيبة. انظر «تاج العروس» (حقب، أمع).
(١٠) رواه ابن عبد البر في «الجامع» (٢/ ٩٨٣)، والبيهقي في «المدخل» (٣٧٨) وابن حزم في «الإحكام» (٦/ ٦٨).
(١١) في النسخ: «عمر البصري» تصحيف. والنصُّ في «تاريخ أبي زرعة الدمشقي» (ص ٥٤٣)، ورواه ابن حزم في «الإحكام» من طريقه (٦/ ٩٧ - ٩٨)، وعزاه ابن كثير في «مسند الفاروق» (٢/ ٦٢٥) إلى الإسماعيلي.