للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورسوله على ما لا وصول لنا إليه ويترك الحوالة على [٣٣/ب] كتابه وسنة رسوله اللذين هدانا بهما، ويسّرهما لنا، وجعل لنا (١) إلى معرفتهما طريقًا سهلة التناول من قرب؟

ثم ما يُدرِيه فلعلَّ الناس اختلفوا وهو لا يعلم، وليس عدم العلم بالنزاع علمًا بعدمه، فكيف يقدِّم عدم العلم على أصل العلم كله؟ ثم كيف يسوغ له ترك الحق المعلوم إلى أمر لا علم له به، وغايته أن يكون موهومًا، وأحسن أحواله أن يكون مشكوكًا فيه شكًّا (٢) متساويًا أو راجحًا؟ ثم كيف يستقيم هذا على رأي من يقول: انقراض عصر المجمعين شرط في صحة الإجماع؟ فما لم ينقرض عصرهم فلمن نشأ (٣) في زمنهم أن يخالفهم، فصاحب هذا السلوك لا يُمكِنه أن يحتجّ بالإجماع حتى يعلم أن العصر انقرض ولم ينشأ فيه مخالف لأهله؟ وهل أحال الله الأمة في الاهتداء بكتابه وسنة رسوله على ما لا سبيلَ لهم إليه ولا اطلاعَ لأفرادهم عليه؟ وترك إحالتهم على ما هو بين أظهرهم حجةٌ عليهم (٤) باقية إلى آخر الدهر متمكّنون من الاهتداء به ومعرفة الحق منه، هذا من أمحل المحال.

وحين نشأت هذه الطريقة تولَّد عنها معارضةُ النصوص بالإجماع المجهول، وانفتح باب دعواه، وصار من لم يعرف الخلاف من المقلّدين إذا احتُجَّ عليه بالقرآن والسنة قال: هذا خلاف الإجماع. وهذا هو الذي أنكره


(١) «لنا» ساقطة من ت.
(٢) «شكا» ليست في ت.
(٣) ت، ع: «شاء».
(٤) «عليهم» ليست في د.