للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صالح، ثم ما لم يوجد عن أمثالهم فعن مثل عبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن إدريس ويحيى بن آدم وابن عيينة ووكيع بن الجراح، ومن بعدهم محمد بن إدريس الشافعي ويزيد بن هارون والحميدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي [٣٤/ب] وأبي عبيد القاسم. انتهى.

فهذا طريقُ أهل العلم وأئمة الدين، جَعْلُ أقوال هؤلاء بدلًا عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة بمنزلة التيمم، إنما يصار إليه عند عدم الماء؛ فعَدلَ هؤلاء المتأخرون المقلّدون إلى التيمم، والماءُ بين أظهرهم أسهلُ من التيمم بكثير.

ثم حدثت (١) بعد هؤلاء فرقة هم أعداء العلم وأهله، فقالوا: إذا نزلت بالمفتي أو الحاكم نازلة لم يجزْ أن ينظر فيها في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا أقوال الصحابة، بل إلى ما قال مقلَّده ومتبوعه ومَن جعله عِيارًا على القرآن والسنة؛ فما وافق قولَه أفتى به وحكم به، وما خالفه لم يجز له أن يفتي به ولا يقضي به، وإن فعل ذلك تعرَّض لعَزْله عن منصب الفتوى والحكم، واستُفْتِي عليه: ما تقول السادة الفقهاء فيمن ينتسب إلى مذهب إمام معين يقلّده دون غيره، ثم يفتي أو يحكم بخلاف مذهبه، هل يجوز له ذلك أم لا؟ وهل يقدح ذلك فيه أم لا؟ فيُنْغِض المقلِّدون رؤوسهم، ويقولون: لا يجوز له ذلك، ويقدح فيه.

ولعل القول الذي عدل إليه هو قول أبي بكر وعمر وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأمثالهم؛ فيجيب هذا الذي انتصب للتوقيع


(١) ع: «حدث».