للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا لعمر الله هو إمام الخلق (١) ودليلهم وقائدهم حقًّا. ولم يجعل الله منصب الإمامة بعده إلا لمن دعا إليه ودلَّ عليه، وأمر الناس أن يقتدوا به، ويأتمّوا به، ويسيروا خلفه، وأن لا ينصبوا لنفوسهم متبوعًا ولا إمامًا ولا دليلًا غيره، بل يكون العلماء مع الناس بمنزلة أئمة الصلاة مع المصلّين، كل واحد يصلّي طاعةً لله وامتثالًا لأمره، وهم في الجماعة متعاونون متساعدون بمنزلة الوفد مع الدليل، كلهم يحج طاعةً لله وامتثالا لأمره، لا أن (٢) المأموم يصلي لأجل كون الإمام يصلي، بل هو يصلي صلى إمامه أو لا. بخلاف المقلّد؛ فإنه إنما ذهب إلى قول متبوعه لأنه قاله، لا لأن الرسول قاله، ولو كان كذلك لدار [٤٤/أ] مع قول الرسول أين كان ولم يكن مقلدًا. فاحتجاجهم بإمام الصلاة ودليل الحاج من أظهر الحجج عليهم.

يوضّحه الوجه التاسع والستون: أن المأموم قد علم أن هذه الصلاة التي فرضها الله سبحانه على عباده، وأنه وإمامه في وجوبها سواء، وأن هذا البيت هو الذي فرض الله حجه على من استطاع إليه سبيلًا (٣)، وأنه هو والدليل في هذا الفرض سواء، فهو لم يحج تقليدًا للدليل، ولم يصلِّ تقليدًا للإمام.

وقد استأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - دليلًا يدلُّه على طريق المدينة لما هاجر الهجرة التي فرضها الله عليه (٤)، وصلّى خلف عبد الرحمن بن عوف مأمومًا (٥)،


(١) ع: «إمامهم».
(٢) ع: «لأن» خطأ.
(٣) «سبيلا» ليست في ع.
(٤) رواه البخاري (٢٢٦٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٥) رواه مسلم (٢٧٤) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.