للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من فوقه (١)، حتى تجد أتباع الأئمة أشدَّ الناس هجرًا لكلامهم، وأهل كل عصر إنما يقضون ويفتون بقول الأدنى فالأدنى إليهم، وكلما بعُدَ العهد ازداد كلام المتقدم هجرًا ورغبة عنه، حتى إن كتبه (٢) لا تكاد تجد عندهم منها شيئًا بحسب تقدُّم زمانه. ولكن أين قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للتابعين: لينصِبْ كلٌّ منكم لنفسه رجلًا يختاره ويقلّده دينه ولا يلتفت إلى غيره، ولا يتلقَّى الأحكام من الكتاب والسنة، بل من تقليد الرجال، فإذا جاءكم عن الله ورسوله شيء وعن من نصبتموه إمامًا تقلّدونه فخذوا بقوله، ودعُوا ما بلغكم عن الله ورسوله؛ فوالله لو كُشِف الغطاء لكم وحقَّت الحقائق لرأيتم نفوسكم وطريقكم مع الصحابة كما قال الأول (٣):

نزلُوا بمكةَ في قبائل هاشمٍ ... ونزلتُ بالبيداءِ أبعدَ منزل

وكما قال الثاني (٤):

سارتْ مشرِّقةً وسرتُ مغرِّبًا ... شتَّانَ بين مشرِّقٍ ومغرِّب

وكما قال الثالث (٥):


(١) ت، ع: «من هو فوقه».
(٢) ع: «كتبهم».
(٣) البيت لعمر بن أبي ربيعة في «ديوانه» (ص ٣٢٠)، وبلا نسبة في «أمالي القالي» (١/ ٢٠٢) و «طبقات الفقهاء» للشيرازي (ص ١٢٤).
(٤) البيت بلا نسبة في «الوافي بالوفيات» (٦/ ٦٤) و «تاج العروس» (شرق) و «إغاثة اللهفان» (١/ ٣٧٣).
(٥) هو عمر بن أبي ربيعة، انظر «ديوانه» (ص ٥٠٣) و «الكامل» (٢/ ٧٨٠) و «الشعر والشعراء» (٢/ ٥٦٢) و «الأغاني» (١/ ١٢٢) وغيرها.