للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} [النحل: ١٠٢]، وقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، وقوله: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤]، وغيرها من النصوص المحكمة، بالمتشابه من قوله: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٠٢]، وقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: ٤٠]، والآيتان حجة عليهم؛ فإن صفات الله جلّ جلاله داخلة في مسمّى اسمه؛ فليس «الله» اسمًا لذاتٍ لا سمعَ لها ولا بصرَ ولا حياة ولا كلام ولا علم، وليس هذا رب العالمين، وكلامه تعالى وعلمه وحياته (١) وقدرته ومشيئته ورحمته داخلة في مسمى [٦٣/أ] اسمه؛ فهو سبحانه بصفاته وكلامه الخالق، وما سواه مخلوق.

وأما إضافة القرآن إلى الرسول فإضافة تبليغٍ محض لا إنشاء. والرسالة تستلزم تبليغ كلام المرسِل، ولو لم يكن للمرسِل كلام يبلّغه الرسول لم يكن رسولًا؛ ولهذا قال غير واحد من السلف: من أنكر أن يكون الله متكلمًا فقد أنكر رسالة رسله، فإن حقيقة رسالتهم تبليغ كلام من أرسلهم.

فالجهمية وإخوانهم ردّوا تلك النصوص المحكمة بالمتشابه، ثم صيَّروا الكل متشابهًا، ثم ردّوا الجميع، فلم يثبتوا لله فعلًا يقوم به يكون به فاعلًا، كما لم يثبتوا له كلامًا يقوم به يكون به متكلمًا؛ فلا كلام له عندهم ولا فَعَال (٢)، بل كلامه وفعله عندهم مخلوق منفصل عنه، وذلك لا يكون صفة له؛ لأنه سبحانه إنما يوصف بما قام به لا بما لم يقم به.


(١) ع: «وكتابه» تحريف.
(٢) ع: «فعل».