للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعظمِهم بيانًا عن المعنى الصحيح بلفظٍ لا يوهم باطلًا بوجهٍ «أين الله» (١) في غير موضع.

الخامس عشر: شهادته التي هي أصدق شهادةٍ عند الله وملائكته وجميع المؤمنين لمن قال «إن ربه في السماء» بالإيمان، وشهد عليه أفراخُ جهمٍ بالكفر، وصرَّح الشافعي بأن هذا الذي وصفته من أن ربها في السماء إيمان (٢)، فقال في كتابه (٣) في باب عتق الرقبة المؤمنة، وذكر حديث الأمة السوداء التي سوَّدتْ وجوهَ الجهمية وبيَّضتْ وجوه المحمدية، فلما وصفت الإيمان قال: «أعتِقْها فإنها مؤمنة» (٤)، وهي إنما وصفَتْ كون ربها في السماء، وأن محمدًا عبده ورسوله؛ فقرنَتْ بينهما في الذكر؛ فجعل الصادق المصدوق مجموعهما هو الإيمان.

السادس عشر: إخباره سبحانه عن فرعون أنه رام الصعود إلى السماء ليطَّلع إلى إله موسى فيكذِّبَه فيما أخبر به من أنه سبحانه فوق السماوات، فقال: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٦ - ٣٦]، فكذّب فرعون موسى في إخباره إياه (٥) بأن ربه فوق السماء، وعند الجهمية لا فرقَ بين الإخبار بذلك وبين الإخبار بأنه يأكل ويشرب. وعلى زعمهم يكون فرعون قد نزَّه


(١) كما رواه مسلم (٥٣٧) من حديث معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.
(٢) في النسخ: «إيمانا».
(٣) «الأم» (٦/ ٧٠٦ - ٧٠٧).
(٤) قطعة من حديث معاوية بن الحكم.
(٥) «إياه» ساقطة من ع.