للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورد مقارنًا للمزيد عليه فيكون تخصيصًا لا نسخًا. قالوا: وإنما لم نقبل خبر الواحد بالزيادة على النص؛ لأن الزيادة لو كانت موجودة معه لنقلها إلينا من نقل النصّ؛ إذ (١) غير جائزٍ أن يكون المراد إثباتَ النص معقودًا بالزيادة فيقتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على إبلاغ النص منفردًا عنها؛ فواجبٌ إذًا أن يذكرها معه، ولو ذكرها لنقلها إلينا من نقل النص.

فإن كان النص مذكورًا في القرآن والزيادة واردة من جهة السنة فغير جائزٍ أن يقتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على تلاوة الحكم المنزل في القرآن دون أن يُعقبها بذكر الزيادة؛ لأن حصول الفراغ من النص الذي يمكننا استعماله بنفسه يلزمنا اعتقاد مقتضاه من حكمه، كقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، فإن كان الحد هو الجلد والتغريب فغير جائز أن يتلو النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية على الناس عاريةً من ذِكر النفي عقبَها؛ لأن سكوته عن ذكر الزيادة معها يلزمنا اعتقاد موجبها وأن الجلد هو كمال الحد؛ فلو كان معه تغريبٌ لكان بعضَ الحدّ لا كماله، فإذا أخلى التلاوة من ذكر النفي عقبَها (٢) فقد أراد منا اعتقاد أن الجلد المذكور في الآية هو تمام الحدّ وكماله؛ فغير جائزٍ إلحاقُ الزيادة معه إلا على وجه النسخ، ولهذا كان قوله: «واغْدُ يا أُنيس على امرأةِ هذا، فإن اعترفتْ فارجُمْها» (٣) ناسخًا لحديث عبادة بن الصامت:


(١) ت، ع: «أو».
(٢) «عقبها» ليست في ت.
(٣) رواه البخاري (٢٣١٤) ومسلم (١٦٩٧) من حديث زيد بن خالد وأبي هريرة - رضي الله عنهما -.