للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديثٍ واحد أبدًا: إن هذا زيادة على القرآن فلا نقبله ولا نسمعه ولا نعمل به، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلُّ في صدورهم، وسنتُه أعظم عندهم من ذلك وأكبر.

ولا فرقَ أصلًا بين مجيء السنة بعدد الطواف وعدد ركعات الصلاة ومجيئها بفرض الطمأنينة وتعيين الفاتحة والنية؛ فإن الجميع بيان لمراد الله أنه أوجب هذه العبادات على عباده على هذا الوجه، فهذا الوجه هو المراد، فجاءت السنة بيانًا للمراد في جميع وجوهها، حتى في التشريع المبتدأ، فإنها بيان لمراد الله من عموم الأمر بطاعته وطاعة رسوله، فلا فرقَ بين بيان هذا المراد وبين بيان المراد من الصلاة والزكاة والحج والطواف وغيرها، بل هذا بيان المراد من شيء وذاك بيان المراد من أعمَّ منه؛ فالتغريب بيان محضٌ للمراد من قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥]، وقد صرَّح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن التغريب بيان لهذا السبيل المذكور في القرآن، فكيف يجوز ردُّه بأنه مخالف للقرآن معارض له؟ ويقال: لو قبلناه لأبطلنا به حكم القرآن؟ وهل هذا إلا قلبٌ للحقائق؟ فإن حكم القرآن العام والخاص يوجب علينا قبوله فرضًا لا يسَعُنا مخالفته؛ فلو خالفناه لخالفنا القرآن ولخرجنا عن حكمه ولا بدَّ، ولكان في ذلك مخالفة للقرآن (١) والحديث معًا.

يوضّحه الوجه (٢) الثاني: أن الله سبحانه نصب رسوله منصب المبلِّغ المبيِّن عنه، فكلُّ ما شرعه للأمة فهو بيان منه عن الله أن هذا شرعه ودينه، ولا فرقَ بين ما يبلِّغه عنه من كلامه المتلو ومن وحيه الذي هو نظير كلامه [٧١/أ] في وجوب الاتباع، ومخالفةُ هذا كمخالفة هذا.


(١) ت، ع: «القرآن».
(٢) «الوجه» ليست في ع.