للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التغريب مثلًا على المائة جلدة، لا يجوز أن تكون ناسخةً لوجوبها فإن الوجوب بحاله، ولا لإجزائها لأنها مجزئة عن نفسها، ولا لعدم وجوب الزائد لأنه رفعٌ لحكم عقلي وهو البراءة الأصلية؛ فلو كان رفعها نسخًا كان كلما أوجب الله شيئًا بعد الشهادتين قد نسخ به ما قبله، والأمر الرابع غير متصوَّر ولا معقول فلا يُحكم عليه.

فإن قيل: بل ههنا أمر رابع معقول، وهو الاقتصار على الأول؛ [٧٤/ب] فإنه نسخ بالزيادة، وهذا غير الأقسام الثلاثة.

فالجواب: أنه لا معنى للاقتصار غير عدم وجوب غيره، وكونه جميع الواجب، وهذا هو القسم الثالث بعينه غيَّرتم التعبير عنه وكسَوتموه عبارة أخرى.

الوجه الحادي والعشرون: أن الناسخ والمنسوخ لا بدَّ أن يتواردا على محل واحد يقتضي المنسوخ ثبوته والناسخ رفعه، أو بالعكس، وهذا غير متحقق في الزيادة على النص.

الوجه الثاني والعشرون: أن كل واحد من الزائد والمزيد عليه دليل قائم بنفسه مستقلٌّ بإفادة حكمه، وقد أمكن العمل بالدليلين؛ فلا يجوز إلغاء أحدهما وإبطاله وإلقاء الحرب بينه وبين صاحبه وشقيقه؛ فإن كل ما جاء من (١) عند الله فهو حق يجب اتباعه والعمل به، ولا يجوز إلغاؤه وإبطاله إلا حيث أبطله الله ورسوله بنص آخر ناسخٍ له لا يمكن الجمع بينه وبين المنسوخ، وهذا بحمد الله منتفٍ في مسألتنا؛ فإن العمل بالدليلين يمكن، ولا


(١) ت: «عن».