للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعلامة من ريشة أو غيرها.

وكإقرارهم على لُبس ما نَسَجَه الكفار من الثياب، وعلى إنفاق ما ضربوه من الدراهم، وربما كان عليها صورُ ملوكهم، ولم يضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه مدة حياتهم دينارًا ولا درهمًا، وإنما كانوا يتعاملون بضرب الكفار (١).

وكإقراره لهم بحضرته على المُزاح المباح، وعلى الشِّبع في الأكل، وعلى النوم في المسجد، وعلى شركة الأبدان (٢). وهذا كثير من أنواع السنن احتجّ به الصحابة وأئمة الإسلام كلهم.

وقد احتجّ به جابر في تقرير الرب في زمن الوحي كقوله: «كنا نَعْزِل والقرآن ينزِل» (٣)، فلو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه القرآن. وهذا من كمال فقه الصحابة وعلمهم، واستيلائهم على معرفة طرق الأحكام ومداركها، وهو يدل على أمرين:


(١) أول من أحدث ضربها ونقش عليها عبد الملك بن مروان. انظر: «الطبقات» لابن سعد (٥/ ٢٢٣) و «الأوائل» للعسكري (١/ ٢٥٤). وأما لبس منسوج الكفار فعند مسلم (٢٠٦٩) من حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -.
(٢) أما المزاح المباح فعند أبي داود (٥٠٠٠) وأحمد (٢٣٩٧١) من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه -، وصححه ابن حبان (٦٦٧٥) والحاكم (٤/ ٤٢٣). وأما الشبع في الأكل ففي البخاري (٥٣٨١) ومسلم (٢٠٣٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وأما النوم في المسجد ففي البخاري (٤٤٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. وأما شركة الأبدان فعند أبي داود (٣٣٨٨) وفيه انقطاع؛ فإن أبا عبيدة لم يسمع من ابن مسعود.
(٣) رواه البخاري (٥٢٠٧) ومسلم (١٤٤٠).