للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة؛ فإنَّ تَرْكه - صلى الله عليه وسلم - سنة كما أن فِعْله سنة، فإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله، ولا فرقَ.

فإن قيل: من أين لكم [١١٣/أ] أنه لم يفعله، وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم؟

فهذا سؤال بعيد جدًّا عن معرفة هَدْيه وسنته (١) وما كان عليه، ولو صحّ هذا السؤال وقُبِل (٢) لاستحبَّ لنا مستحِبٌّ الأذانَ للتراويح، وقال: من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحبّ لنا مستحِبّ آخر الغسلَ لكل صلاة، وقال: من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحبّ لنا آخرُ النداءَ بعد الأذان: الصلاة يرحمكم الله، ورفع بها صوته، وقال: من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحبّ لنا آخر لُبس السواد والطَّرْحة (٣) للخطيب، وخروجه بالشاويش (٤) يصيح بين يديه، ورَفْع المؤذّنين أصواتهم كلما ذُكِر اسم الله أو اسم رسوله جماعةً وفرادى، وقال: من أين لكم أن هذا لم يُنقل؟ واستحبَّ آخرُ صلاة ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة في رجب، وقال: من أين لكم أن (٥) إحياءهما لم ينقل؟ وانفتح باب البدعة، وقال كل من دعا إلى بدعة: من أين لكم أن هذا لم يُنقل؟


(١) ت: «سننه».
(٢) ت: «وقيل».
(٣) أي الطيلسان، وهو كساء يُلقى على الكتف.
(٤) شاويش أو جاويش أو جاووش كلمة تركية، من جنود الحرس، وكان من عملهم أن ينشدوا أمام السلطان في مواكبه وحفله. انظر: «تكملة المعاجم العربية» (٢/ ١٣٢).
(٥) ت: «هذا أن».