للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوبًا أو استحبابًا أن (١) يتشبه بهم عند تلاوة السجدة أو سماعها، وآيات الأوامر بطريق [١٢٢/ب] الأولى. وهذا لا فرقَ فيه بين أمر وأمر، فكيف يكون الأمر بقوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} مقتضيًا للسجود دون الأمر بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]؟ فالساجد إما متشبه بمن أُخبِر عنه، أو ممتثل لما أُمِر به، وعلى التقديرين يُسَنُّ له السجود في آخر الحج كما يُسَنُّ له في أولها؛ فكما سوَّت السنةُ بينهما سوَّى القياسُ الصحيح والاعتبار الحق بينهما. وهذا السجود شرعه الله ورسوله عبوديةً عند تلاوة هذه الآيات واستماعها، وقربةً إليه، وخضوعًا لعظمته، وتذللًا بين يديه، واقتران الركوع ببعض آياته مما يؤكّد ذلك، ويقوّيه، لا يضعفه ويُوهِيه، والله المستعان.

وأما قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} فإنما لم يكن موضع سجدة؛ لأنه خبر خاص عن قول الملائكة لامرأة بعينها أن تُدِيم العبادة لربها بالقنوت وتصلِّي له بالركوع والسجود؛ فهو خبر عن قول الملائكة لها ذلك، وإعلامٌ من الله لنا أن الملائكة قالت ذلك لمريم. فسياق ذلك غير سياق آيات السجدات.

وأما الحديث الضعيف فإنه من رواية أبي قدامة، واسمه الحارث بن (٢) عبيد قال الإمام أحمد: هو مضطرب الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الأزدي: ضعيف، وقال ابن حبان: لا


(١) ت: «بأن».
(٢) «الحارث بن» ساقطة من ت.