للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس في ذلك ما تُردُّ به السنة الصحيحة (١) الصريحة، ولا يصحّ حملها على الإخبار لوجوه:

أحدها: أن في بعض ألفاظ الحديث: «فقال أبو قتادة: أنا أتكفَّل به يا رسول الله، فصلى عليه». رواه النسائي (٢) بإسناد صحيح.

الثاني: أن في بعض طرق البخاري (٣): «فقال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينُه». فقوله: «وعليَّ دينُه» كالصريح في الالتزام أو صريح فيه؛ فإن هذه الواو للاستئناف، وليس قبلها ما يصح أن يُعطف ما بعدها عليه، كما لو قال: صلِّ عليه وأنا ألتزم ما عليه أو وأنا ملتزم ما عليه.

الثالث: أن الحكم لو اختلف لقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل ضمِنتَ ذلك في حياته أو بعد موته؟ ولا سيما فإن الظاهر منه الإنشاء، وأدنى الأحوال أن يحتملهما على السواء، فإذا كان أحدهما باطلًا في الشرع والآخر صحيحًا فكيف يُقِرُّه على قول محتمل لحق وباطل ولم يستفصله عن مراده به (٤)؟

الرابع: أن القياس يقتضي صحة الضمان وإن لم يُخلِّف وفاء، فإن من صح ضمان دينه إذا خلَّف وفاء صح ضمانه وإن لم يكن له مال كالحي. وأيضًا [١٢٩/ب] فمن صحَّ ضمان دينه حيًّا صح ضمان دينه ميتًا. وأيضًا فإن الضمان لا يوجب الرجوع، وإنما يوجب مطالبة ربّ الدين للضامن، فلا فرق


(١) «الصحيحة» ليست في د.
(٢) رقم (٤٦٩٢).
(٣) رقم (٢٢٨٩).
(٤) «به» ليست في ت.