للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتحقيق: أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم؛ فكما أن طاعة العلماء تبعٌ لطاعة الرسول، فطاعة الأمراء تبعٌ لطاعة العلماء. ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس كلُّهم لهم تبعًا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما، كما قال عبد الله بن المبارك وغيره من السلف: صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس. قيل: من هم؟ قال: الملوك والعلماء (١).

وقال عبد الله بن المبارك (٢):

رأيتُ الذنوبَ تُميت القلوبَ ... وقد يورِثُ الذلَّ إدمانُها

وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوب ... وخيرٌ لنفسك عصيانُها

وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ ... وأحبارُ سَوءٍ ورهبانُها


(١) وجدتُ بعضَه مرويّا من كلام سفيان الثوري، رواه الدينوري في "المجالسة" (٤٦٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٥). ونقله شيخ الإسلام في غير موضع. انظر: "جامع المسائل" (٢/ ٧٢) و"مجموع الفتاوى" (١٠/ ٣٥٤)، (١٤/ ٤٩٤)، (١٨/ ١٥٨).
(٢) أنشدها المصنف في "الداء والدواء" (ص ١٤٧) و"المدارج" (٣/ ٢٤٧) أيضًا. وهي لابن المبارك في "معجم ابن المقرئ" (ص ٣٦٤) و"الحلية" (٨/ ٢٧٩) وغيرهما. وفي "المجالسة" (٢/ ٣٠) أن إبراهيم بن أدهم كان يتمثل بها.