للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«لا يُلدغ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين» (١).

فهذا المعقولُ من اللغة والعرف، فالأحاديث المذكورة وهذه النصوص المذكورة وقولُه تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] كلُّها من باب واحد ومشكاة واحدة، والأحاديث المذكورة تفسِّر المراد من قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}، كما أن حديث اللعان تفسير لقوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٦].

فهذا كتاب الله، وهذه سنة رسوله، وهذه لغة العرب، وهذا عُرف التخاطب، وهذا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة كلهم معه في عصره وثلاثَ سنين من عصر عمر على هذا المذهب؛ فلو عدَّهم العادُّ بأسمائهم واحدًا واحدًا أنهم كانوا يرون الثلاث واحدة إما بفتوى وإما بإقرار عليها (٢)، ولو فُرِض فيهم من لم يكن يرى ذلك فإنه لم يكن مُنكِرًا للفتوى به، بل كانوا ما (٣) بين مُفْتٍ ومقرٍّ بفتيا وساكتٍ غيرِ مُنكِر.

وهذا حال كل صحابي من عهد الصديق إلى ثلاث سنين من خلافة عمر، وهم يزيدون على الألف قطعًا كما ذكره يونس بن بُكَير عن ابن


(١) رواه البخاري (٦١٣٣) ومسلم (٢٩٩٨) من حديث أبي هريرة، ولفظهما: «من حجر واحدٍ مرتين». وبلفظ المصنف رواه ابن ماجه (٣٩٨٢، ٣٩٨٣) من حديث أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم -.
(٢) جواب حرف الشرط «لو» مفهوم من السياق. وفي المطبوع: «[لوجد] أنهم كانوا ... »، وما بين المعكوفتين ليس في النسخ.
(٣) «ما» ليست في د.