للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحُرَفاء (١)؟ ولولا التحليل لكان منالُ الثريّا دون منالها، والتدرُّع بالأكفان دون التدرُّع بجمالها، وعِناق القَنا دون عِناقها، والأخذ بذراع الأسد دون الأخذ بساقها. وسَلْ أهل الخبرة: كم عقَد المحلِّلُ على أمّ وابنتها؟ وكم جمع ماءه في أرحام ما زاد على الأربع وفي رحم الأختين؟ وذلك محرَّم باطل في المذهبين. وهذه المفسدة في كتب مفاسد التحليل لا ينبغي أن تُفرَد بالذكر، وهي كموجةٍ واحدة من الأمواج، ومن يستطيع عدَّ أمواج البحر؟ وكم من امرأةٍ كانت قاصرةَ الطرف على بَعْلها، فلما ذاقت عُسيلةَ المحلِّل خرجت على وجهها فلم يجتمع شَمْلُ الإحصان والعفة بعد ذلك بشَمْلِها، وما كان هذا سبيلَه، فكيف يَحتمل أكملُ الشرائع وأحكمُها تحليلَه؟ فصلوات الله وسلامه على من صرَّح بلعنته، وسماه بالتيس المستعار (٢) من بين فسَّاق أمته، كما شهد به علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبو هريرة وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر وعبد الله بن عباس (٣)، وأخبر عبد الله بن عمر أنهم كانوا يعدُّونه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِفاحًا (٤).

أما ابن مسعود ففي «مسند الإمام أحمد» و «سنن النسائي» و «جامع الترمذي» (٥) عنه قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلِّل والمحلَّل له. قال


(١) جمع عَشِير وحَرِيف، أي الصديق والقريب.
(٢) سيأتي تفصيله في كلام المؤلف.
(٣) سيأتي تخريج هذه الطرق.
(٤) سيأتي تخريجه.
(٥) رواه الترمذي (١١٢٠) وصححه، وهذا لفظه، وسيأتي لفظ أحمد والنسائي. وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري. انظر: «التلخيص الحبير» (٣/ ٣٤٩).