للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد وأصوله؛ فإن عامة كلامه في هذه المسألة إنما هو إذا اختلف الزوج والمرأة ولم تثبت بينةٌ ولا اعتراف أن مهر العلانية سمعة، بل شهدت البينة أنه تزوجها بالأكثر، وادّعى عليه ذلك، فإنه يجب أن يؤخذ بما أقرَّ به إنشاءً أو إخبارًا؛ فإذا أقام شهودًا يشهدون أنهم تراضوا بدون ذلك [حُكِمَ] (١) بالبينة الأولى؛ لأن (٢) التراضي بالأقلِّ في وقت لا يمنع التراضي بما زاد عليه في وقت آخر. ألا ترى أنه قال: آخذُ بالعلانية لأنه قد أشهد على نفسه، وينبغي لهم أن يَفُوا بما كان أسرّه؛ فقوله «لأنه قد أشهدَ على نفسه» دليل على أنه إنما يلزمه في الحكم فقط، وإلا فما (٣) يجب بينه وبين الله لا يُعلَّل بالإشهاد. وكذلك قوله «ينبغي لهم أن يَفُوا له، وأما هو فيؤخذ بالعلانية» دليل على أنه يحكم عليه به، وأن أولئك يجب عليهم الوفاء. وقوله «ينبغي» يستعمل في الواجب أكثر مما يستعمل في المستحب، ويدل على ذلك أنه قد قال أيضًا في امرأة تزوجت في العلانية على ألف وفي السر على خمسمائة، فاختلفوا في ذلك: فإن كانت البينة في السر والعلانية سواء أُخِذ بالعلانية لأنه أحوط، وهو فرج يؤخذ بالأكثر، وقُيِّدت المسألة بأنهم اختلفوا وأنّ كلاهما (٤) قامت به بينة عادلة.

وإنما يظهر ذلك بالكلام في الصورة الثانية: وهو ما إذا تزوَّجها في السر


(١) هنا بياض في النسختين، واستُدرك من «بيان الدليل».
(٢) في النسختين: «البينة الأولى أن». والتصويب من «بيان الدليل».
(٣) ز: «فيما».
(٤) كذا في النسختين بالألف، وهو أسلوب شيخ الإسلام فيما وصل إلينا بخطه من الكتب.