للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهين: فمن قال إنه يؤخذ به ظاهرًا فقط وإنهم في الباطن لا ينبغي لهم أن يأخذوا إلا بما اتفقوا عليه لم يرد نقضًا، وهذا قول له شواهد كثيرة. ومن قال إنه يؤخذ به ظاهرًا وباطنًا بنى ذلك على أن المهر من توابع النكاح وصفاته، فيكون ذكره سمعةً كذكره هزلًا، والنكاح جدُّه وهزلُه سواء، فكذلك ذكر ما هو فيه. يحقِّق ذلك أن حِلّ البضع مشروط بالشهادة على العقد، والشهادة وقعت على ما أظهره؛ فيكون وجود (١) المشهود به شرطًا في الحل.

هذا كلام شيخ الإسلام في مسألة مهر السر والعلانية في كتاب «إبطال التحليل» نقلته بلفظه.

ولهذه المسألة عدة صور هذه إحداها.

الثانية (٢): أن يتفقا في السر على أن ثمن المبيع ألف ويُظهِرا في العلانية أن ثمنه ألفان، فقال القاضي في «التعليق القديم» والشريف أبو جعفر وغيرهما: الثمن ما أظهراه، على قياس المشهور عنه في المهر أن العبرة بما أظهراه، وهو الأكثر. وقال القاضي في «التعليق الجديد» وأبو الخطاب وأبو الحسين وغيرهم من أصحاب القاضي: الثمن ما أسرَّاه، والزيادة سمعة ورياء، بخلاف المهر، إلحاقًا للعوض في البيع بنفس البيع، وإلحاقًا للمهر بالنكاح، وجعلًا الزيادة فيه بمنزلة الزيادة بعد العقد وهي غير لاحقة. وقال أبو حنيفة عكس هذا، بناء على أن تسمية العوض شرط في صحة البيع دون النكاح. وقال صاحباه: العبرة في الجميع بما أسرَّاه.


(١) ز: «وجوب». والمثبت موافق لما في «بيان الدليل».
(٢) نقلها المؤلف من «بيان الدليل» (ص ١١٣ - ١١٤).