للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن لا يؤدِّيا العوض بمنزلة من استحلَّ الفرج والمال بغير عوض، فيكون كالزاني والسارق في المعنى وإن خالفهما في الصورة. ويؤيِّد ذلك ما في «صحيح البخاري» (١) مرفوعًا: «من أخذَ أموال الناس يريد أداءها أدَّاها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافَها أتلفَه الله».

فهذه النصوص وأضعافها تدلُّ على أن المقاصد تغيِّر أحكام التصرفات من العقود وغيرها، وأحكام الشريعة تقتضي ذلك أيضًا؛ فإن الرجل إذا اشترى أو استأجر أو اقترض أو نكح ونوى أن ذلك لموكِّله أو لمولِّيه كان له وإن لم يتكلَّم به في العقد، وإن لم ينْوِه له وقع الملك للعاقد. وكذلك لو تملَّك المباحات من الصيد والحشيش وغيرها ونواه لموكِّله وقع الملك له عند جمهور الفقهاء. نعم لا بدَّ في النكاح من تسمية الموكِّل؛ لأنه معقود عليه، فهو بمنزلة السِّلعة في البيع، فافتقر العقد إلى تعيينه لذلك، لأنه معقود عليه (٢). وإذا كان القول والفعل الواحد يوجب الملك لمالكينِ مختلفين عند تغيُّر النية ثبت أن للنية تأثيرًا في العقود والتصرفات.

ومن ذلك (٣) أنه لو قضى عن غيره دينًا أو أنفق عليه نفقة واجبة ونحو ذلك ينوي التبرع والهبة لم يملك الرجوع بالبدل، وإن لم ينوِ فله الرجوع إن


(١) رقم (٢٣٨٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
.
(٢) كذا في النسختين. وفي «بيان الدليل»: «لا لأجل أنه معقود له».
(٣) النقل مستمر من «بيان الدليل».