للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن لم يقصد التكلم بها كالمكره والنائم والمجنون والسكران والمغلوب على عقله لم يترتَّب عليها شيء، وإن كان في بعض ذلك نزاع وتفصيل فالصواب أن أقوال هؤلاء كلها (١) هدرٌ كما دل [٤١/أ] عليه الكتاب والسنة والميزان وأقوال الصحابة.

وإن كان قاصدًا للتكلم بها فإما أن يكون عالمًا بغايتها متصورًا لها، أو لا يدري معناها البتة بل هي عنده كأصواتٍ يَنْعِق بها؛ فإن لم يكن عالمًا بمعناها ولا متصورًا له لم يترتب عليها أحكامها أيضًا، ولا نزاع بين أئمة الإسلام في ذلك. وإن كان متصورًا لمعانيها عالمًا بمدلولها فإما أن يكون قاصدًا لها أو لا؛ فإن كان قاصدًا لها ترتبت أحكامها في حقه ولزمتْه، وإن لم يكن قاصدًا لها فإما أن يقصد خلافها أو لا يقصد لا معناها ولا غير معناها؛ فإن لم يقصد غير التكلم بها فهو الهازل ونذكر حكمه، وإن قصد غير معناها فإما أن يقصد ما يجوز له قصده أو لا:

فإن قصد ما يجوز له قصده نحو أن يقصد بقوله «أنت طالق» من زوج كان قبلي، أو يقصد بقوله «أَمتي أو عبدي حرٌّ» أنه عفيف عن الفاحشة، أو يقصد بقوله «امرأتي عندي مثل أمي» في الكرامة والمنزلة، ونحو ذلك، لم تلزمه أحكام هذه الصيغ فيما بينه وبين الله تعالى. وأما في الحكم فإن اقترن بكلامه قرينة تدل على ذلك لم يلزمه أيضًا؛ لأن السياق والقرينة بينة تدل على صدقه، وإن لم يقترن بكلامه قرينة أصلًا وادعى ذلك دعوى مجردة لم تُقبل منه.

وإن قصد بها ما لا يجوز قصده، كالمتكلم بنكحتُ وتزوجتُ يقصد


(١) «كلها» ليست في د.