للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: ١٠٤]، نهاهم سبحانه أن يقولوا هذه الكلمة مع قصدهم بها الخير، لئلا يكون قوله ذريعة إلى التشبُّه باليهود في أقوالهم وخطابهم؛ فإنهم كانوا يخاطبون بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقصدون بها السبَّ، ويقصدون فاعلًا من الرعونة، فنُهي المسلمون عن قولها سدًّا لذريعة المشابهة، ولئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي - صلى الله عليه وسلم - تشبُّهًا بالمسلمين يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون.

الوجه الخامس: قوله تعالى لكليمه موسى وأخيه هارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٣، ٤٤]، فأمر سبحانه أن يُلِينا القول لأعظم أعدائه وأشدِّهم كفرًا وأعتاهم عليه؛ لئلا يكون إغلاظ القول له مع أنه حقيق به ذريعةً إلى تنفيره وعدم صبره لقيام الحجة، فنهاهما عن الجائز لئلا يترتَّب عليه ما هو أكره إليه سبحانه.

الوجه السادس: أنه سبحانه نهى المؤمنين في مكة عن الانتصار باليد، وأمرهم بالعفو والصفح؛ لئلا يكون انتصارهم ذريعةً إلى وقوع ما هو أعظم مفسدة من مفسدة الإغضاء واحتمال الضَّيم، فمصلحةُ حفظ نفوسهم ودينهم وذريتهم راجحة على مصلحة الانتصار والمقابلة.

الوجه السابع: أنه سبحانه نهى عن البيع وقت نداء الجمعة لئلا يتخذ ذريعة إلى التشاغل بالتجارة عن حضورها.

الوجه الثامن: ما رواه حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من الكبائر شَتْم الرجل والديه»، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: «نعم، يسبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمه