للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الحيل وأمثالها لا يحلُّ لمسلمٍ أن يفتي بها في دين الله، ومن استحلَّ الفتيا بها فهو الذي كفَّره الإمام أحمد وغيره من الأئمة، حتى قالوا: إن من أفتى بهذه الحيل فقد قلبَ الإسلام ظهرًا لبطنٍ، ونقضَ عُرى الإسلام عروةً عروةً. وقال بعض أهل الحيل (١): ما نَقَموا علينا من أنّا عَمَدنا إلى أشياء كانت [٥٩/ب] حرامًا عليهم فاحتلْنا فيها حتى صارت حلالًا. وقال آخر منهم: إنا نحتال للناس منذ كذا وكذا سنة في تحليل ما حرَّم الله عليهم.

قال أحمد بن زهير بن مروان: كانت امرأة هاهنا بمَروْ أرادت أن تختلع من زوجها، فأبى زوجها عليها، فقيل لها: لو ارتددتِ عن الإسلام لبِنْتِ منه، ففعلتْ، فذكرتُ ذلك لعبد الله بن المبارك، فقال: من وضع هذا الكتاب فهو كافر، ومن سمع به ورضي به فهو كافر، ومن حمله من كُورةٍ إلى كُورةٍ فهو كافر، ومن كان عنده فرضي به فهو كافر.

وقال إسحاق بن راهويه: عن شقيق بن عبد الملك أن ابن المبارك قال في قصة بنت أبي رَوْح حيث أُمِرت بالارتداد، وذلك في أيام أبي غسَّان، فذكر شيئًا، ثم قال ابن المبارك وهو مغضب: أحدثوا في الإسلام، ومن كان أمر بهذا فهو كافر، ومن كان هذا الكتاب عنده أو في بيته ليأمر به أو هَوِيه ولم يأمر به فهو كافر. ثم قال ابن المبارك: ما أرى الشيطان كان يُحسِن مثل هذا، حتى جاء هؤلاء فأفادها منهم فأشاعها حينئذٍ، أو كان يحسنها ولم يجد من يُمضِيها فيهم حتى جاء هؤلاء.


(١) كما في «بيان الدليل» (ص ١٣٨). والأقوال الآتية كلها نقلها المؤلف منه، وقد عزاها شيخ الإسلام إلى أبي بكر الخلال في «العلم».