للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي تحليلَها للأول لم تحلَّ له بذلك.

وروى الحسن بن زياد (١) عن زفر وأبي حنيفة: أنه إن شرطَ عليه في نفس العقد أنه إنما تزوَّجها ليُحِلَّها للأول فإنه نكاح صحيح، ويبطُلُ الشرط، وله أن يقيم معها؛ فهذه ثلاث روايات عن أبي حنيفة.

قالوا: وقد قال الله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وهذا زوج قد عقدَ بمهر وولي ورضاها وخلوّها من الموانع الشرعية، وهو راغب في ردِّها إلى الأول؛ فيدخل في حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نكاحَ إلا نكاحُ رغبةٍ» (٢)، وهذا نكاح رغبة في تحليلها للمسلم كما أمر الله بقوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما شرط في عَودها إلى الأول مجرد ذوق العُسَيلة بينهما، وغَيَّا (٣) الحِلَّ بذلك فقال: «لا، حتى تذوقَ عُسيلته ويذوق عُسيلتها» فإذا تذاوقا العُسيلةَ حلَّت له بالنص (٤).

قالوا: وأما نكاح الدُّلسة فنعم هو باطل، ولكن ما هو نكاح الدُّلسة؟ فلعله أراد به أن تدلَّس له المرأةُ بغيرها، أو تدلَّس له أنها انقضتْ عدتها ولم تنقضِ لتستعجلَ عودَها إلى الأول.


(١) د: «عن زياد»، تحريف.
(٢) رواه الطبراني (١١/ ٨٠) وابن حزم في «المحلى» (١٠/ ١٨٤)، وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل، وهو ضعيف. وقال ابن حزم: موضوع. وله شاهد من حديث ابن عمر رواه الحاكم (٢/ ١٩٩) والبيهقي (٧/ ٢٠٨)، وإسناده صحيح. انظر: «إرواء الغليل» (١٨٩٨).
(٣) أي جعل الحلَّ موقوفًا عليه.
(٤) د: «بالنص له».