للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريق المفضية إليه في ظاهر الشرع. والمحلِّل غايته أنه قصد الطلاق ونواه إذا وطئ المرأة، وهو مما ملَّكه الشارع إياه، فهو كما لو نوى المشتري إخراج المبيع عن مِلكه إذا اشتراه، وسرُّ ذلك أن السبب مقتضٍ لتأبُّد الملك، والنية لا تغيِّر موجبَ السبب حتى يقال: إن النية تُوجِب تأقيتَ العقد، وليست هي منافية لموجب العقد، فإن له أن يطلِّق. ولو نوى بعقد الشراء إتلافَ المبيع وإحراقَه أو إغراقَه لم يقدح في صحة البيع، فنية الطلاق أولى.

وأيضًا فالقصد لا يقدح في اقتضاء السبب لحكمه؛ لأنه خارج عما يتمُّ به العقد، ولهذا لو اشترى عصيرًا ومن نيته أن يتخذه خمرًا، أو جاريةً ومن نيته أن يُكرِهها على البغاء أو يجعلها مغنيةً، أو سلاحًا ومن نيته أن يقتل به معصومًا= فكل ذلك لا أثر له في صحة البيع من جهة أنه منقطع عن السبب؛ فلا يخرج السبب عن اقتضاء حكمه.

وقد ظهر بهذا الفرقُ بين (١) هذا القصد وبين الإكراه؛ فإن الرضا شرط في صحة العقد، والإكراه ينافي الرضا، وظهر أيضًا الفرقُ بينه وبين الشرط المقارن؛ فإن الشرط المقارن يقدح في مقصود العقد؛ فغاية الأمر أن العاقد قصد محرمًا، لكن ذلك لا يمنع ثبوتَ الملك، كما لو تزوَّجها ليُضارَّ بها امرأةً له أخرى.

ومما يؤيّد ما ذكرناه أن النية إنما تعمل في اللفظ المحتمل للمنْويّ وغيره، مثل الكنايات، ومثل أن يقول: اشتريتُ كذا؛ فإنه يحتمل أن يشتريه لنفسه ولموكِّله، فإذا نوى أحدهما صح، فإذا كان السبب ظاهرًا متعينًا


(١) ز: «وبين».