للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعدوم من الثمار فضلًا عما لم يبدُ (١) صلاحه بأن يُؤْجِره الأرضَ ويُساقيه على الثمر من كل ألف جزء على جزء، وهذا نفس الحيلة على بيع الثمار قبل وجودها، فكيف ينكرون علينا التحيُّل على بيعها قبل بدوِّ صلاحها؟ وهل مسألة العينة إلا ملك باب الحيل؟ وهم يُبطلون الشركة بالعروض ثم يقولون: الحيلة في جوازها أن يبيع كلٌّ منهما نصفَ عَرضه لصاحبه، فيصيران شريكين حينئذٍ بالفعل، ويقولون: لا يصح تعليق الوكالة بالشرط، والحيلة على جوازها أن يوكِّله الآن ويعلِّق تصرُّفَه بالشرط. وقولهم في الحيل على عدم الحنث بالمسألة السُّريجية (٢) معروف، وكل حيلة سواه محلّل بالنسبة إليه؛ فإن هذه المسألة حيلة على أن يحلف دائمًا بالطلاق ويحنَث ولا يقع عليه الطلاق أبدًا.

وأما المالكية فهم من أشدِّ الناس إنكارًا علينا للحيل، وأصولُهم تخالف أصولَنا في ذلك؛ إذ عندهم أن الشرط المتقدم كالمقارن، والشرط العرفي كاللفظي، والقصود في العقود معتبرة، والذرائع يجب سدُّها، والتغرير الفعلي كالتغرير القولي، وهذه الأصول تسدُّ باب الحيل سدًّا محكمًا. ولكن قد غلقنا (٣) لهم برهونٍ نطالبهم بفِكاكها أو بموافقتهم لنا على ما أنكروه علينا، فجوَّزوا التحيُّلَ على إسقاط الشفعة، وقالوا: لو


(١) في النسختين: «لم يبدو».
(٢) سيأتي ذكر المؤلف لصورتها ومتى حدثت، في فصل مستقل.
(٣) في النسختين: «علقنا». والمثبت هو الصواب، وبه يستقيم المعنى. يقال: غَلِقَ الرهنُ، لم يقدر راهِنُه على تخليصه من يد المرتهن في الموعد المشروط، فصار مِلكًا للمرتهن.