للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس في اليمين إلا البر والحنث، كما هو ثابت في نذر التبرُّر في شريعتنا؛ وكما كان في أول الإسلام. قالت عائشة - رضي الله عنها -: لم يكن أبو بكر يحنث في يمين، حتى أنزل الله كفارة اليمين (١). فدلَّ على أنها لم تكن مشروعة في أول الإسلام، وإذا كان كذلك صار كأنه قد نذر ضرْبَها، وهو نذر لا يجب الوفاء به؛ لما فيه من الضرر عليها، ولا يُغني عنه كفارة يمين؛ لأن تكفير النذر فرع عن تكفير اليمين، فإذا لم تكن كفارة النذر إذ ذاك مشروعةً فكفارة اليمين أولى.

وقد عُلِم أن الواجب بالنذر يُحتذَى به حذو الواجب بالشرع، وإذا كان الضرب الواجب بالشرع يجب تفريقه إذا كان المضروب [٧١/أ] صحيحًا ويجوز جمعه إذا كان المضروب مريضًا مأيوسًا منه عند الكل أو مريضًا على الإطلاق عند بعضهم، كما ثبتت بذلك السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢) = جاز أن يقام الواجب بالنذر مقام ذلك عند العذر. وقد كانت امرأة أيوب عليه السلام ضعيفة عن احتمال مائة ضربةٍ التي حلف أن يضربها إياها، وكانت كريمةً على ربها، فخفَّف عنها برحمته الواجبَ باليمين بأن أفتاه بجمع (٣) الضربات بالضِّغث كما خفّف عن المريض.


(١) رواه البخاري (٦٦٢١).
(٢) رواها أحمد (٢١٩٣٥) وأبو داود (٤٤٧٢) و النسائي في «الكبرى» (٧٢٦٨) وابن ماجه (٢٥٧٤) عن أبي أمامة بن سهل موصولةً ومرسلة. وانظر: «التلخيص الحبير» (٤/ ٥٩)، وتعليق المحققين على «مسند أحمد» (٣٦/ ٢٦٣ - ٢٦٦).
(٣) في النسختين: «بجميع». والمثبت من «بيان الدليل».