للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأفتى أيضًا هو (١) وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - المريض المأيوس منه والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم بأن يفطرا ويطعما كل يوم مسكينًا (٢)، إقامةً للإطعام مقامَ الصيام.

وأفتى أيضًا هو (٣) وغيره من الصحابة: الحامل والمرضع إذا خافتا على ولدَيْهما أن تفطرا وتُطعِما كل يوم مسكينًا (٤)، إقامةً للإطعام مقامَ الصيام، وهذا كثير جدًّا.

وغير مستنكر في واجبات الشريعة أن يخفّف الله سبحانه الشيء منها عند المشقة بفعل ما يشبهه من بعض الوجوه كما في الأبدال وغيرها، ولكن مثل قصة أيوب لا يُحتاج إليها في شرعنا؛ لأن رجلًا لو حلف ليضربنَّ أمته أو امرأته مائة ضربة أمكنه أن يكفّر عن يمينه من غير احتياج إلى حيلة وتخفيف الضرب بجمعه، ولو نذر ذلك فهو نذر معصية، فلا شيء عليه عند طائفة، وعند طائفة عليه كفارة يمين.

وأيضًا فإن المطلق من كلام الآدميين محمول على ما فسّر به المطلق من كلام الشارع خصوصًا في الأيمان؛ فإن الرجوع فيها إلى عرف الخطاب شرعًا أو عادةً أولى من الرجوع إلى موجب اللفظ في أصل اللغة، والله سبحانه وتعالى قد قال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]،


(١) رواه البخاري (٤٥٠٥) عن ابن عباس.
(٢) رواه عبد الرزاق (٧٥٧٠) وابن أبي شيبة (١٢٣٤٦) من طرق عن أنس.
(٣) رواه أبو داود (٢٣١٧، ٢٣١٨) والبيهقي (٤/ ٢٣٠) عن ابن عباس.
(٤) رواه عبد الرزاق (٧٥٥٨، ٧٥٥٩) والدارقطني (٢٣٨٨ - ٢٣٨٩) والبيهقي (٤/ ٢٣٠) عن ابن عمر.