للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هاهنا قال الشافعي: لو ترك أخًا لأب وأم فأقر [٨٥/ب] الأخ بابنٍ للميت ثبت نسبه ولم يرث؛ لأنه لو ورث لخرج المقرُّ عن أن يكون وارثًا، وإذا لم يكن وارثًا لم يُقبل إقراره بوارث آخر، فتوريث الابن يُفضي إلى عدم توريثه.

ونازعه الجمهور في ذلك، وقالوا: إذا ثبت نسبه ترتّب عليه أحكام النسب، ومنها الميراث، ولا يُفضي توريثه إلى عدم توريثه؛ لأنه بمجرد الإقرار ثبت النسب وترتَّب عليه الميراث، والأخ كان وارثًا في الظاهر، فحين أقرَّ كان هو كل الورثة، وإنما خرج عن الميراث بعد الإقرار وثبوت النسب؛ فلم يكن توريث الابن مُبطِلًا (١) لكون المقرّ وارثًا حين الإقرار، وإن بطل كونه وارثًا بعد الإقرار وثبوت النسب. وأيضًا فالميراث تابع لثبوت النسب، والتابع أضعف من المتبوع، فإذا ثبت المتبوع الأقوى فالتابع أولى. ألا ترى أن النساء تُقبل شهادتهن منفرداتٍ في الولادة ثم في النسب، ونظائر ذلك كثيرة.

ومن المسائل التي يُفضي ثبوتُها إلى إبطالها: لو أعتقت المرأة في مرضها عبدًا فتزوجها، وقيمته تخرج من الثلث، صحَّ النكاح ولا ميراث له؛ إذ لو ورثها لبطل تبرُّعها له بالعتق؛ لأنه يكون تبرعًا لوارث، وإذا بطل العتق بطل النكاح، وإذا بطل بطل الميراث، وكان توريثه يؤدّي إلى إبطال توريثه. وهذا على (٢) أصل الشافعي.

وأما على قول الجمهور فلا يبطل ميراثه ولا عتقه ولا نكاحه؛ لأنه حينَ العتق لم يكن وارثًا، فالتبرع نزل في غير وارث، والعتق المنجَّز يتنجَّز من


(١) ك: «مبطلة».
(٢) ك: «وعلى هذا».