للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا وُجِد الشيء لم يوجد، وإذا وُجِد الشيء اليوم فهو موجود قبل اليوم، أو إذا (١) فعلتُ الشيء اليوم فقد وقع مني قبل اليوم، ونحو هذا من الكلام المتناقض في نفسه الذي هو إلى المحال أقرب منه إلى الصحيح من المقال.

وأما مناقضتها لقضايا العقول فلأن الشرط يستحيل أن يتأخَّر وجوده عن وجود المشروط، ويتقدم المشروط عليه في الوجود، هذا مما لا يُعقل عند أحد من العقلاء؛ فإن رتبة الشرط التقدُّم أو المقارنة، والفقهاء وسائر العقلاء معهم مجمعون على ذلك؛ فلو صح تعليق المشروط بشرط متأخر بعده لكان ذلك إخراجًا له عن كونه شرطًا أو جزءَ شرطٍ أو علةً أو سببًا؛ فإن الحكم لا يسبق شرطَه ولا سببَه ولا علّته؛ إذ في ذلك إخراج الشروط والأسباب والعلل عن حقائقها وأحكامها. ولو جاز تقديم الحكم على شرطه لجاز تقديم وقوع الطلاق على إيقاعه؛ فإن الإيقاع سبب، والأسباب تتقدم مسبَّباتِها، كما أن الشروط رتبتُها التقدّم؛ فإذا جاز إخراج هذا عن رتبته جاز إخراج الآخر عن رتبته، فجوَّزوا حينئذٍ تقدُّمَ الطلاق على التطليق، والعتق على الإعتاق، والمِلك على البيع، وحِلّ المنكوحة على عقد النكاح. وهل هذا في الشرعيات إلا بمنزلة تقدُّم الانكسار على الكسر، والسيل على المطر، والشِّبع على الأكل، والولد على الوطء، وأمثال ذلك؟ ولا سيما على أصلِ من يجعل هذه العلل والأسباب علاماتٍ محضة لا تأثيرَ لها، بل هي معرِّفات، والمعرِّف يجوز تأخُّره عن المعرَّف.

وبهذا يخرج الجواب عن قولكم: «إن الشروط الشرعية معرِّفات


(١) ك: «وإذا».