للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاجتهاد، وليس كل مجتهد مصيبًا، ونثرتم عليها ما لا يصلح مثله للنِّثار (١)، وزيَّنتموها بأنواع الحُلِيّ، ولكنه حلي مستعار؛ فإذا استُرِدَّت العارة (٢) زال الالتباس والاشتباه، وهناك تَسمع بالمُعَيدي خيرٌ من أن تراه (٣).

فأما قولكم: «إنا ارتقينا مُرتقًى صعبًا، وأسأنا الظنَّ بمن قال بهذه (٤) المسألة»، فإن أردتم بإساءة الظن بهم تأثيمًا أو تبديعًا فمعاذَ الله، بل أنتم أسأتم بنا (٥) الظن. وإن أردتم بإساءة الظن أنا لم نصوِّبهم في هذه المسألة، ورأينا الصواب [٩١/أ] في خلافهم فيها؛ فهذا قدر مشترك بيننا وبينكم في كل ما تنازعنا فيه، بل سائر المتنازعين بهذه المثابة، وقد صرح الأئمة الأربعة بأن الحق في واحد من الأقوال المختلفة، وليست كلها صوابًا.

وأما قولكم: «إن هذه المسألة مأخوذة من نص الشافعي»، فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنها لو كانت منصوصة له فقوله بمنزلة قول غيره من الأئمة يُحتَجُّ له ولا يُحتجُّ به، وقد نازعه الجمهور فيها، والحجة تَفصِل بين المتنازعين.

الثاني: أن الشافعي - رضي الله عنه - لم ينصَّ عليها ولا على ما يستلزمها. وغاية ما ذكرتم نصه على صحة قوله: «أنتِ طالق قبل موتي بشهر»، فإذا مات


(١) ما يُنثَر في حفلات السرور من حلوى أو نقود.
(٢) أي العارية.
(٣) يضرب مثلًا للذي رؤيته دون السماع به.
(٤) ك: «هذه».
(٥) «بنا» ليست في ك.