للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لثبت [٩٢/أ] بدون سببه التام، فإن سببه لا يتم إلا بالشرط، فعاد الأمر إلى سَبْق الأثر لمؤثِّره والمعلول لعلته، وهذا محال.

ولهذا لما لم يكن لكم حيلة في دفعه وعلمتم لزومه فررتم إلى ما لا يُجدِي عليكم شيئًا، وهو جَعْل الشرط مجرد علامة ودليل ومعرِّف، وهذا إخراج للشرط عن كونه شرطًا وإبطالٌ لحقيقته؛ فإن العلامة والدليل المعرِّف ليست شروطًا في المدلول المعرَّف، ولا يلزم من نفيها نفيه، فإن الشيء يثبت بدون علامة ومعرِّف له، والمشروط ينتفي لانتفاء شرطه وإن لم يوجد لوجوده.

وكل العقلاء متفقون على الفرق بين الشرط والأمارة المحضة، وأن حقيقة أحدهما وحكمه دون حقيقة الآخر وحكمه، وإن كان قد يقال: إن العلامة شرط في العلم بالمعلم (١) والدليل شرط في العلم بالمدلول، فذاك أمر وراء الشرط في الوجود الخارجي، فهذا شيء وذلك شيء آخر، وهذا حق، ولهذا ينتفي العلم بالمدلول عند انتفاء دليله، ولكن هل يقول أحد: إن المدلول ينتفي لانتفاء دليله؟

فإن قيل: نعم، قد قاله غير واحد، وهو انتفاء الحكم الشرعي لانتفاء دليله.

قيل: نعم، فإن الحكم الشرعي لا يثبت بدون دليله، فدليله موجِب لثبوته، فإذا انتفى الموجِب انتفى الموجَب، ولهذا يقال: لا موجِب فلا موجَب (٢).


(١) ك: «بالعلم».
(٢) «انتفى ... موجب» ساقطة من ك.