للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إما أن يتوجه إلى القول والفتوى أو العمل، أما الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعا سابقًا (١) وجب إنكاره اتفاقًا، وإن لم يكن كذلك فإن بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله. وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار، وكيف يقول فقيه: لا إنكار في المسائل المختلف فيها والفقهاء من سائر الطوائف قد صرَّحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتابًا أو سنة وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء؟ وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغٌ لم يُنكَر على من عمل بها مجتهدًا أو مقلّدًا (٢).

وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم.

والصواب ما عليه الأئمة (٣) أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبًا ظاهرًا، مثل حديث صحيح لا معارضَ له من جنسه فيَسُوغُ ــ إذا عُدِم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به ــ الاجتهادُ، لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها. وليس في قول العالم: «إن هذه المسألة قطعية أو يقينية، أو لا يَسُوغ فيها الاجتهاد» طعنٌ على من خالفها، ولا نسبةٌ له إلى تعمُّدِ خلاف الصواب.

والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف وقد تيقّنا صحةَ أحد


(١) د: «شائعًا».
(٢) ك: «ومقلدا».
(٣) ك: «الأمة».