للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حق لهما لا يعدوهما (١)، فإذا اتفقا على تركه جاز.

ووجه بطلان هذه الحيلة أن هذا هو الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعينه للمفسدة التي يفضي إليها من التشاحن والتشاجر، فإن الثمار تصيبها العاهات كثيرًا، فيفضي بيعها قبل إكمالها إلى أكل مال المشتري بالباطل، كما علَّل به صاحب الشرع، ومن المعلوم قطعًا أن هذه الحيلة لا ترفع المفسدة، ولا تزيل بعضها.

وأيضًا فإن الله وملائكته والناس قد علموا أن من اشترى الثمار وهي شِيْصٌ (٢) لم يمكن أحدًا أن يأكل منها، فإنه لا يشتريها للقطع، [١٠٤/أ] ولو اشتراها لهذا الغرض لكان سفهًا وبيعه مردود، وكذلك الجوز والخوخ والإجَّاص وما أشبهها من الثمار التي لا يُنتفع بها قبل إدراكها، لا يشتريها أحد إلا بشرط التبقية، وإن سكت عن ذكر الشرط بلسانه فهو قائم في قلبه (٣) وقلب البائع، وفي هذا تعطيل للنص وللحكمة التي نهى الشارع لأجلها؛ أما تعطيل الحكمة فظاهر، وأما تعطيل النص فإنه إنما يحمله على ما إذا باعها بشرط التبقية لفظًا، فلو سكت عن التلفظ بذلك وهو مراده ومراد البائع جاز (٤)، وهذا تعطيل لما دلَّ عليه النص وإسقاطٌ لحكمته (٥).


(١) «لا يعدوهما» ليست في ز، ك.
(٢) ثمر لم يتم نضجه لسوء تأبيره أو لفساد آخر.
(٣) ز، ك: «بقلبه».
(٤) ز: «جائز».
(٥) ك: «الحكمة».