للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن يُؤجِرها لولده أو امرأته، ثم يؤجرها من شخص آخر، فإن ارتفع الكِرَى [١٠٥/ب] أخرج الإجارة الأولى وفسخ إجارة الثاني، وإن نقص الكِرَى أو استمرَّ أبقاها.

ومنها: أن يَرهَن داره أو أرضه، ثم يبيعها ويأخذ الثمن فينتفع به مدة، فمتى أراد فسخَ البيع واسترجاعَ المبيع أظهر كتاب الرهن.

وأمثال هذه العقارب التي يأكل بها أشباهُ العقارب أموالَ الناس بالباطل، ويمشِّيها لهم مَن رقَّ علمُه ودينه ولم يراقب الله ولم يخَفْ مقامه، تقليدًا لمن قلَّد قوله في تضمين المقبوض بالعقد الفاسد تضمينَ الغاصب؛ فيجعل قوله إعانة لهذا الظالم المعتدي على الإثم والعدوان، ولا يجعل القول الذي قاله غيره إعانة للمظلوم على البر والتقوى، وكأنه أخذ بشق الحديث وهو: «انصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا» (١)، واكتفى بهذه الكلمة دون ما بعدها، وقد أعاذ الله أحدًا من الأئمة من تجويز الإعانة على الإثم والعدوان، ونصر الظالم، وإضاعة حق المظلوم جهارًا.

وذلك الإمام وإن قال: «إن المقبوض بالعقد الفاسد يُضمَن ضمانَ المغصوب» فإنه لم يقل: إن المقبوض به على هذا الوجه ــ الذي هو حيلة ومكر وخداع وظلم محض للمشتري وغرور له ــ يوجب تضمينه وضياعَ حقه وأخْذَ ماله كله وإيداعَه في الحبس على ما بقي وإخراجَ الملك من يده، فإن الرجل قد يشتري الأرض أو العقار وتبقى في يده مدة طويلة تزيد أجرتها على ثمنه أضعافًا مضاعفة، فيؤخذ منه العقار، ويُحسب عليه ثمنه من


(١) رواه البخاري (٢٤٤٤، ٦٩٥٢) من حديث أنس بن مالك، ومسلم (٢٥٨٤) من حديث جابر بن عبد الله.