أحدهما: أن المالك مخيَّر بين تضمين أيهما شاء، وهذا المشهور عند أصحاب الشافعي وأحمد، ثم قال أصحاب الشافعي: إن ضمن المشتري وكان عالمًا بالغصب لم يرجع بما ضمن على الغاصب، وإن لم يعلم نظرت فيما ضمن، فإن التزم ضمانه بالعقد كبدل العين وما نقص منها لم يرجع به على الغاصب؛ لأن الغاصب لم يغرَّه، بل دخل معه على أن يضمنه.
وهذا التعليل يوجب أنه يرجع بما زاد على ثمن المبيع إذا ضمنه؛ لأنه إنما التزم ضمانه بالثمن لا بالقيمة، فإذا ضمنه إياه بقيمته رجع بما بينهما من التفاوت.
قالوا: وإن لم يلتزم ضمانه نظرت؛ فإن لم يحصل له في مقابلته منفعة كقيمة الولد ونقصان الجارية بالولادة رجع به على الغاصب، لأنه غرَّه ودخل معه على أنه لا يضمنه، وإن حصلت له به في مقابلته منفعة كالأجرة والمهر وأَرْش البكارة ففيه (١) قولان:
أحدهما: يرجع به؛ لأنه غرَّه ولم يدخل معه على أن يضمنه.
والثاني: لا يرجع؛ لأنه حصل له في مقابلته منفعة.
وهذا التعليل أيضًا يوجب على هذا القول أن يرجع بالتفاوت الذي بين المسمَّى ومهر المثل وأجرة المثل اللذين ضمنهما؛ فإنه إنما دخل على الضمان بالمسمَّى لا بعوض المثل، والمنفعة التي حصلت له إنما هي بما التزمه من المسمَّى. ومذهب الإمام أحمد وأصحابه نحو ذلك.