للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم أنه يستوفيه بعوضه لم يدخل على ذلك، ولو علم الضيف أن صاحب البيت أو غيره يغرِّمه الطعام لم يأكله، ولو ضمن المالك ذلك كله للغاصب جاز، ولم يرجع على القابض إلا بما لا يرجع به عليه، فيرجع عليه إذا كان مستأجرًا بما غرمه من الأجرة (١).

وعلى القول الذي اخترناه إنما يرجع عليه بما التزمه من الأجرة خاصة، ويرجع عليه إذا كان مشتريًا بما غرمه من قيمة العين، وعلى القول الآخر إنما يرجع عليه بما بذله من الثمن، ويرجع عليه إذا كان مستعيرًا بما غرمه من قيمة العين؛ إذ لا مسمَّى هناك، وإذا كان متَّهبًا أو مودعًا لم يرجع عليه بشيء. فإن كان القابض من الغاصب هو المالك فلا شيء له لما استقرَّ (٢) عليه لو كان أجنبيًّا، وما سواه فعلى الغاصب؛ لأنه لا يجب له على نفسه شيء، وأما ما لا يستقر عليه لو كان أجنبيًّا بل يكون قراره على الغاصب فهو على الغاصب أيضًا هاهنا.

والقول الثاني: أنه ليس للمالك مطالبة المغرور ابتداءً، كما ليس له مطالبته قرارًا، وهذا هو الصحيح، ونصّ عليه الإمام أحمد في المُودَع إذا أودعها ــ يعني الوديعة ــ عند غيره من غير حاجة فتلِفتْ، فإنه لا يضمن الثاني إذا لم يعلم، وذلك لأنه مغرور.

وطَرْد هذا النص أنه لا يطالب المغرور في جميع هذه الصور، وهو الصحيح؛ فإنه مغرور ولم يدخل على أنه مطالب، فلا هو التزم المطالبة ولا الشارع ألزمه بها، وكيف يُطالَب المظلوم المغرور ويُترك الظالم الغارّ؟ ولا


(١) ز: «الأجر». ك: «الاخر».
(٢) ك: «يستقر».