للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استبراء البِكر التي لم يقرَعْها (١) فَحْل، واستبراء العجوز الهرِمة التي قد أيِستْ من الحبل والولادة، واستبراء الأمة التي يُقطع ببراءة رحمها، ثم يُسقطونه مع العلم بأن رحمها مشغول، فأوجبتموه حيث لم يوجبه الشارع، وأسقطتموه حيث أوجبه.

قالوا: وليس هذا بعجيب من تناقضكم، بل أعجبُ منه إنكار كون القُرعة طريقًا لإثبات الحكم مع ورود السنة الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه بها (٢)، وإثبات حِلِّ الوطء بشهادة شاهدَيْ زورٍ يعلم الزوج الواطئ أنهما شهدَا بالزور على طلاقها حتى يجوز لأحد الشاهدين أن يتزوَّجها فيثبت الحلُّ بشهادتهما!

وأعجب من ذلك أنه لو كان له أمة هي سُرِّيَّتُه يطؤها كلَّ وقت لم تكن فراشًا له، ولو ولدتْ لم يلحقه الولد، ولو تزوَّج امرأةً ثم قال بحضرة الحاكم والشهود في مجلس العقد: «هي طالقٌ ثلاثًا»، أو كانت بأقصى المشرق وهو بأقصى المغرب= صارت فراشًا بالعقد؛ فلو أتت بعد ذلك بولدٍ (٣) لأكثر من ستة أشهر لحقه نسبه!

وأعجبُ من ذلك قولكم: لو منع الذمي دينارًا واحدًا من الجزية وقال: «لا أؤدِّيه» انتقض عهده وحلَّ ماله ودمه، ولو سبَّ الله تعالى ورسوله وكتابه على رؤوسنا أقبحَ سبٍّ، وحرَّق أفضل المساجد على الإطلاق، واستهان بالمصحف بين أيدينا أعظمَ استهانة، وبذل ذلك الدينار= فعهدُه باقٍ ودمُه


(١) كذا في النسخ بالقاف، وله وجه. ويقال بالفاء فَرَعَ البِكرَ: افتضَّها.
(٢) «بها» ساقطة من ك.
(٣) «بولد» ليست في ز.