للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حال من استجاب (١) لهم إلى البدعة؛ فإن كان مُطاعًا متبوعًا في الناس أمروه بالزهد والتعبد ومحاسن الأخلاق والشِّيَم، ثم أطاروا له الثناء بين الناس ليصطادوا عليه الجهال ومن لا علم عنده بالسنة، وإن لم يكن كذلك جعلوا بدعته عونًا له على ظلمه أهلَ السنة وأذاهم والنيل منهم، وزيَّنوا (٢) له أن هذا انتصارٌ (٣) لما هم عليه من الحق.

فإن أعجزتْهم هذه الحيلة ومنَّ الله سبحانه على العبد بتحكيم السنة ومعرفتها والتمييز بينها وبين البدعة ألقَوه في الكبائر، وزيَّنوا له فعلَها بكل طريق، وقالوا له: أنت على السنة، وفُسَّاق أهل السنة أولياء الله، وعُبَّاد أهل البدعة أعداء الله، وقبور فسّاق أهل السنة روضة من رياض الجنة، وقبور عبّاد أهل البدع حفرة من حفر النار (٤)، والتمسك بالسنة يكفِّر الكبائر، كما أن مخالفة السنة تُحبِط الحسنات، وأهل السنة إن قعدتْ بهم أعمالهم قامت بهم عقائدهم، وأهل البدع إذا قامت بهم أعمالهم قعدتْ بهم عقائدهم، وأهل السنة هم الذين أحسنوا الظن بربهم إذ وصفوه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ووصفوه بكل كمال وجلال ونزَّهوه عن كل نقص، والله تعالى عند ظنِّ عبده به، وأهل البدع هم الذين يظنون بربهم ظنَّ السَّوء؛ إذ يعطِّلونه عن صفات كماله وينزِّهونه عنها، وإذا عطَّلوه عنها لزم اتصافه بأضدادها ضرورة؛ ولهذا قال الله تعالى في حق من أنكر صفة واحدة من صفاته وهي صفة العلم ببعض


(١) ز: «المستجاب». ك: «المستحبات». والمثبت من المطبوع.
(٢) ز: «ورتبوا».
(٣) ز: «انتصارًا».
(٤) ك: «حفر أهل النار».