للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤجل ببعضه حالًّا، وهو عين الربا، وفي الإنكار المدعي يقول: هذه المائة الحالَّة عوضٌ عن مائتين مؤجلة، وذلك لا يجوز، وهذا قول ابن عمر (١).

والقول الثاني: يجوز، وهو قول ابن عباس (٢)، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد حكاها ابن أبي موسى (٣) وغيره، واختارها شيخنا؛ لأن هذا عكس الربا؛ فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل، وهنا يضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل، فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل، فانتفع به كل واحد منهما، ولم يكن هنا ربًا لا حقيقة ولا لغةً ولا عرفًا، فإن الربا الزيادة وهي منتفية هاهنا، والذين حرَّموا ذلك إنما قاسوه على الربا، ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: إما أن تُربِي وإما أن تَقضِي (٤) وبين قوله: عجِّلْ لي وأهبُ لك مائة، فأين أحدهما من الآخر؟ فلا نصَّ في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح.

والقول الثالث: يجوز ذلك في دَين الكتابة، ولا يجوز في غيره، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة. قالوا: لأن ذلك يتضمن تعجيلَ العتق المحبوب


(١) رواه مالك (٢/ ٦٧٢) وعبد الرزاق (١٤٣٥٤، ١٤٣٥٩) والبيهقي (٦/ ٢٨) من طرق عن ابن عمر.
(٢) رواه عبد الرزاق (١٤٣٦٠، ١٤٣٦١، ١٤٣٦٢) وابن أبي شيبة (٢٢٦٦٥) والطحاوي في «مشكل الآثار» (١١/ ٦١)، والبيهقي (٦/ ٢٨).
(٣) في «الإرشاد» (ص ١٩١).
(٤) كان الربا في الجاهلية بهذه الطريقة، كما روى مالك في «الموطأ» (٢/ ٦٧٢) عن زيد بن أسلم.