للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الردّ بعد اشتراط (١) البراءة العامة، سواء علم البائع العيب أو لم يعلمه، حيوانًا كان المبيعُ أو غيره، وتناظر في هذه المسألة أبو حنيفة وابن أبي ليلى، فقال ابن أبي ليلى: لا يبرأ إلا من عيب أشار إليه ووضع يده عليه (٢)، فقال أبو حنيفة: فلو أن امرأة من قريش باعت عبدًا زنجيًّا على ذَكَرِه عيبٌ أفتضع أصبعها على ذَكَرِه؟ فسكت ابن أبي ليلى.

وأما مذهب الإمام أحمد فعنه ثلاث روايات (٣):

إحداهن: أنه لا يبرأ بذلك، ولا يسقط حقُّ المشتري من الردّ بالعيب إلا من عيبٍ عيَّنه وعلم به المشتري.

والثانية: أنه يبرأ مطلقًا.

والثالثة: أنه يبرأ من كل عيبٍ لم يعلمه، ولا يبرأ من كل عيب عَلِمه حتى يعلم به المشتري.

فإن صححنا البيع والشرط فلا إشكال، وإن أبطلنا الشرط فهل يبطل البيع أو يصح ويثبت الردّ؟ فيه وجهان، وإذا أثبتنا الردَّ وأبطلنا الشرط فللبائع الرجوع بالتفاوت الذي نقص من ثمن السلعة بالشرط الذي لم يسلم له؛ فإنه إنما باعها بذلك الثمن بناء على أن المشتري لا يردُّها عليه بعيب، ولو علم


(١) ك: «اشتراطه».
(٢) ذكر الشافعي في «اختلاف العراقيين» ضمن «الأم» (٨/ ٢٢٥) هذه المسألة، ونقل عن ابن أبي ليلى أنه كان يقول: لا يبرأ من ذلك حتى يسمي العيوب كلها بأسمائها، ولم يذكر أن يضع يده عليها.
(٣) انظر: «المغني» (١٢/ ٢٦٤، ٢٦٥).