للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرطَ الإيجاب [١٣٥/أ] والقبول؛ فلا بدَّ مع المساومة أن يقرِن (١) بها الإيجاب والقبول لفظًا.

والقول الثاني ــ وهو الصواب المقطوع به، وهو عمل الناس في كل عصرٍ ومصرٍ ــ جواز البيع بما ينقطع به السعر، وهو منصوص الإمام أحمد، واختاره شيخنا (٢). وسمعته يقول: هو أطيبُ لقلب المشتري من المساومة، يقول: لي أسوةٌ بالناس آخذُ بما يأخذ به غيري.

قال: والذين يمنعون من ذلك لا يمكنهم تركُه، بل هم واقعون فيه، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا إجماعِ الأمة ولا قولِ صاحب ولا قياسٍ صحيح ما يحرِّمه، وقد أجمعت الأمة على صحة النكاح بمهر المثل، وأكثرهم يجوِّز عقدَ الإجارة بأجرة المثل، كالطبَّاخ (٣) والغَسّال والخبّاز والملّاح وقيِّم الحمَّام والمُكارِي، والبيع بثمن المثل كبيع ماء الحمّام؛ فغاية البيع بالسعر أن يكون بيعًا بثمن المثل؛ فيجوز كما تجوز المعاوضة بعوض المثل في هذه الصورة وغيرها؛ فهذا هو القياس الصحيح، ولا تقوم مصالح الناس إلا به.

فإن بُلِيتَ بالقائل: «هكذا في الكتاب، وهكذا قالوا»، فالحيلة في الجواز (٤) أن يأخذ ذلك قرضًا في ذمته؛ فيجب للدافع عليه مثله، ثم يعاوضه عليه بثمن معلوم؛ فإنه بيعٌ للدَّين من الغريم وهو جائز.


(١) ك: «يقرب»، تحريف.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٢٣١ - ٢٣٣، ٣٤/ ١٢٧).
(٣) في النسخ: «كالنكاح»، تحريف. وانظر: «بدائع الفوائد» (٤/ ١٣٦٥، ١٤٢٤).
(٤) ك: «في جواز».